ويقبح من سواك الشيء عندي |
|
وتفعله فيحسن منك ذاكا (١) |
فإذن مكر الله قد يكون تارة فعلا يقصد به مصلحة ، ويكون تارة جزاء المكر (٢) ، ويكون تارة / بأن لا يقبّح مكرهم في عينهم ، وذاك بانقطاع التوفيق عنهم وتزيين ذلك في أعينهم ، حتى كأنه زيّنه في أعينهم ومكر بهم ، ويكون تارة بإعطائهم ما يريدون من دنياهم ، فإذا أعطاهم واستعملوه على غير ما يحب ، فكأنه مكر بهم (٣) ،
__________________
(١) البيت في المحاضرات للراغب الأصفهاني (٢ / ٤٥٣) ، (٣ / ٤٩) ، وقد نسبه الراغب للمتنبي وليس في ديوانه. وانظر : رموز الكنوز لعز الدين الرسعني الحنبلي (١ / ١٢٤ ، ١٢٥) ، البحر المحيط (٢ / ٤٩٦).
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وأما الاستهزاء والمكر ، بأن يظهر الإنسان الخير والمراد شر فهذا إذا كان على وجه جحد الحق وظلم الخلق فهو ذنب محرم ، وأما إذا كان جزاء على من فعل ذلك بمثل فعله كان عدلا حسنا ... فإن الجزاء من جنس العمل. وقال تعالى : (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً) ، كما قال : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً) ، وقال : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) ، وكذلك جزاء المتعدي بمثل فعله ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وهذا من العدل الحسن ، وهو مكر وكيد إذا كان يظهر له خلال ما يبطن» مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢٠ / ٤٧١). وانظر : جامع البيان (٦ / ٤٥٤) ، ومعاني القرآن وإعرابه (١ / ٤١٩) ، ومدارك التنزيل (١ / ٢٥٨).
(٣) قال بيان الحق النيسابوري : «فالمكر ابتداؤه منا : إرادة أن نوقع الممكور به في شره. وتمامه : يكون بتدبير خفي لا يطلع عليه. فهو من الله التدبير الخفي في ضرب يناله المستحق على وجه لم يحتسبه». وضح البرهان في