متصل بالحكاية عنهم ، وأخبرنا تعالى بذلك لنقتدي بهم في متابعة النبي صلىاللهعليهوسلم والتضرّع إلى الله في طلب الثواب كما طلبوه.
قوله عزوجل : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ)(١) المكر في الأصل : حيلة يجلب بها الإنسان إلى مفسدة ، وحيلة قد تقال فيما يجلب به إلى مصلحة (٢) ، وقد يقال في ذلك المكر والخديعة اعتبارا بظاهر الفعل دون المقصد (٣) ، والحكيم قد يفعل ما صورته صورة المكر ، ولكن قصده المصلحة لا المفسدة ، وعلى هذا سئل بعض المحققين (٤) عن مكر الله فأنشد :
__________________
ـ وإعرابه (١ / ٤١٨) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٢ / ٦٦٠) ، ومعالم التنزيل (٢ / ٤٣).
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٥٤.
(٢) قال الراغب في المفردات ص (٧٧٢): «المكر : صرف الغير عما يقصده بحيلة ، وذلك ضربان : مكر محمود ، وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل ، وعلى ذلك قال : وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ. ومذموم ، وهو أن يتحرى به فعل قبيح. قال تعالى : وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر : ٤٣] ... وقال في الأمرين : (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً) [النمل : ٥٠].
(٣) انظر معاني المكر في : العين (١ / ١١٥) ، (٣ / ٢٩٧) ، (٥ / ٣٧٠) ، ومعاني القرآن للفراء (١ / ٢١٨) ، ومجاز القرآن (١ / ٩٥) ، ومعاني القرآن للنحاس (١ / ٤٠٨) ، والصحاح (٢ / ٨١٩) ، (٣ / ١٢٠١) ، والتاج (٤ / ١٤٧) ، (٢٠ / ٤٨٣).
(٤) هو الجنيد ، كما صرح به أبو حيان في البحر المحيط (٢ / ٤٩٦).