الاتّباع : الاقتداء بالمتّبع (١) ، وهو أخصّ من الإجابة ، إذ قد يكون مجيبا من لا يكون تابعا ، وإنما قال : (رَبَّنا). ولم يقل : ربّ العباد. لأن الموضع موضع اعتراف وشكر ، لا الإخبار عما عليه الشيء في نفسه ، فلذلك خصّ ربنا ، وقد تقدم أن الشاهد هو المخبر عن الشيء مشاهدة : إما حسّا أو عقلا ، وأنه استعير للشهادة في الأحكام (٢) ، والشاهدون هاهنا هم الذين على طريقة من قال فيهم : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ)(٣) ، ونبه بقوله : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) أنهم منهم (٤) ، وقوله : (رَبَّنا)
__________________
(١) انظر : العين (٢ / ٧٨) ، والصحاح (٣ / ١١٩٠) ، والمقاييس (١ / ٣٦٢).
(٢) تقدم الكلام على معاني الشهادة عند تفسيره لقوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) الآية : ١٨ من سورة آل عمران. انظر ص (٤٩) من هذا البحث.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ١٤٣.
(٤) قال أبو حيان : (فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ) هم محمد صلىاللهعليهوسلم وأمته ، لأنهم يشهدون للرسل بالتبليغ ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم يشهد لهم بالصدق ، روى ذلك عكرمة عن ابن عباس. أو من آمن قبلهم ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. أو الأنبياء ... قاله مقاتل. أو الشاهدون للأنبياء بالتصديق ، قاله الزجاج ، أو الشاهدون لنصرة رسلك ، أو الشاهدون بالحق عندك ...» البحر المحيط (٢ / ٤٩٥). واختار الطبري العموم فقال : يقول : «فأثبت أسماءنا مع الذين شهدوا بالحق ، وأقروا لك بالتوحيد ، وصدقوا رسلك ، واتبعوا أمرك ونهيك ...» جامع البيان (٦ / ٤٥٢) ، وانظر : معاني القرآن