فيما دعاهم إليه من تقوى الله.
قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)(١) لما وصف عيسى نفسه بأفعال إلهية ، وأتى على ما ذكر ، وكان قد قال : (وَأَطِيعُونِ) خطر له ما فعلته جماعة من النصارى ، وهو اتخاذهم إياه معبودهم ، فقال : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) ولم يقل : ربنا ، ليكون أبعد من التأويل فيما ادعوه ، وأمر بأن يعبد الله وحده ، وقال : (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) تنبيها أن العدول عن ذلك ليس بالمستقيم (٢).
قوله عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(٣) الإحساس : الوجود بالحاسة ، وحسّه : قتله ، كأنه أصاب حسه نحو قلبه وبطنه ، وقال الفرّاء : يقال حسست ، وحسست ، وحسيت وأحست (٤) ، فأما حسسته
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٥١.
(٢) انظر : جامع البيان (٦ / ٤٤١) ، والبحر المحيط (٣ / ٩٩ ، ١٠٠) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٩٢) ، وأنوار التنزيل (١ / ١٦١) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ٤٠).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٥٢.
(٤) اختصر الراغب ما نقله عن الفراء ، فقد ذكر الفراء هذه الكلمات ، ولكنه لم يوردها لمعنى واحد ، وتفصيل ما ذكره كما يلي : حسست : في معنى