وقوله : ولأحل معطوف على موضع ومصدقا (١) لأن تقديره : لأصدّق ولأحل ، كقولك : جئتك متعذرا (٢) ولأطيّب قلبك ، وعلى ذلك تقدير قوله : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(٣).
وقوله : (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) في قراءة عبد الله (آيات) في الموضعين (٤) ، وإنما لم يقل : من ربي أو ربنا. لأن ذلك أخص من المخاطبين ، وقوله : (فَاتَّقُوا اللهَ) قيل : وحّدوا الله ، وتقواه أخص من توحيده ، إذ هي مبنيّة عليه ، ودعاؤه إلى طاعته دعاء
__________________
فإن البعض والجزء لا يكون الكلّ. وأنشد في ذلك أبو عبيدة بيتا غلط في معناه ، ... قال : المعنى : «أو يعتلق كل النفوس حمامها» ، وهذا كلام تستعمله الناس. يقول القائل : بعضنا يعرفك ، يريد : أنا أعرفك ، فهذا إنما هو تبعيض صحيح ، وإنما جاءهم عيسى بتحليل ما كان حراما عليهم ، قال الله عزوجل : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء ، الآية : ١٦٠] ، وهي نحو الشحوم وما يتبعها في التحريم ، فأما أن يكون أحلّ لهم القتل والسرقة والزنا فمحال». معاني القرآن وإعرابه (١ / ٤١٥).
(١) انظر أوجه إعراب «ولأحل» في : معاني القرآن للفراء (١ / ٢١٦) والبحر المحيط (٢ / ٤٩١) ، والدر المصون (٣ / ٢٠٢ ، ٢٠٣).
(٢) هكذا في الأصل ، ولعل الصواب : معتذرا.
(٣) سورة الأنعام ، الآية : ٧٥.
(٤) انظر : المحرر الوجيز (٣ / ٩٣ ، ٩٩) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٨٧) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ٣٨ ، ٤٠).