الآخر سواء ، وقوله : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) ليس بإنكار لقدرة الله ، بل لما كانت عادته تعالى في إيجاد الأولاد أن لا يكونوا من الهرم والعاقر ، أراد التعرّف أن ذلك هل يحصل وهما باقيان على حالتيهما ، أو يكون بإعادة الشباب إليهما ، أو يكون ذلك من امرأة أخرى أو يحصل ذلك على سبيل لم تجر به العادة (١)؟ وقال بعضهم : إنما قال أنّى يكون لي ذلك؟ استعظاما لنعمة الله ، كقولك : من لي بكذا؟ ومن / أين لي كذا (٢)؟ وقال بعضهم : قال ذلك لأنه لما سمع نداء الملك قدّر أن ذلك وسوسة من الشيطان (٣) ، واستبعد بعضهم ذلك (٤) ، وقال : إن الأنبياء لا يشتبه عليهم ما يكون من قبل الملائكة بما يكون من قبل الشيطان (٥) ، وقوله :
__________________
(١) على هذا التفسير يكون الاستفهام على بابه. وهذا قول الحسن والأصمّ.
(٢) وعلى هذا التفسير فالاستفهام أريد به معنى الاستبعاد أو التهويل.
(٣) وعلى هذا الوجه يكون الاستفهام للإنكار والتكذيب بمعنى لا يكون ذلك. انظر : شرح التلخيص ص (٨٧ ، ٨٨) ، وهذا قول عكرمة والسّدي.
(٤) نقل أبو حيان في البحر المحيط (٢ / ٤٦٩) إنكار القاضي عبد الجبار لذلك ، فقال : «قال القاضي : لو اشتبه على الرسل كلام الملك بكلام الشيطان لم يبق الوثوق بجميع الشرائع».
(٥) انظر هذه الأقوال جميعا في : جامع البيان (٦ / ٣٨٢ ، ٣٨٣) ، والنكت والعيون (١ / ٣٩١) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٤٨٩) ، والكشاف (١ / ٣٦٠) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٧٨) ، وزاد المسير (١ / ٣٨٤) ، والجامع لأحكام القرآن