بعجيب ، فرزق الله للعباد على وجوه تقصر عنها معرفة الناس.
قوله عزوجل : (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ)(١) هنالك : يقع على الزمان والمكان ، وإن كان المكان أملك له ، يقال : هنا ، وهناك ، وهنالك ، كقولك : ذا ، وذاك ، وذلك (٢) ، ولما رأى زكريا من أحوال مريم تلك العجائب ، وكان به حاجة إلى الولد مع كبر سنه ووهن من عظامه ، سأله أن يهب له ذرية طيبة ، أي صالحة ، واستعمال الطيب في الصالح : كاستعمال الخبيث في ضده ، في نحو قوله : (الْخَبِيثاتُ / لِلْخَبِيثِينَ)(٣) ، على أن في الطيب زيادة معنى على الصالح (٤) وقوله :
__________________
ـ جرير الطبري في أن هذه الجملة هي من قول الله تعالى ، بعد أن قطع كلام مريم ، وليست حكاية عن قول مريم ، بعد أن قالت : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، انظر : جامع البيان (٦ / ٣٥٩ ، والنكت والعيون (١ / ٣٨٩) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٧٢) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٦٢).
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٣٨.
(٢) انظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١ / ٤٠٤) ، وإعراب القرآن للنحاس (١ / ٣٧٢) ، ومشكل إعراب القرآن (١ / ١٥٧ ، ١٥٨) ، وإملاء ما منّ به الرحمن (١ / ١٣٢) ، وشرح المفصل لابن يعيش (٣ / ١٣٧) ، والمساعد (١ / ١٩٢ ، ١٩٣).
(٣) سورة النور ، الآية : ٢٦.
(٤) نقل هذه الفقرة بنصّها أبو حيان في البحر المحيط (٢ / ٤٦٣) ، ونسبها للراغب. وانظر معاني قوله تعالى : (طَيِّبَةً) في : جامع البيان (٦ / ٣٦١) ،