فنبّه بذلك أنه يعلم الشيء منا قبل أن نظهره ، وأنه يستوي عنده السر والجهر ، وعلى هذا قال : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ)(١) ، وقال : (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ)(٢) ، فقدم السرّ في هذا الموضع ، وقال في موضع : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ)(٣) فقدم الإبداء تنبيها أنهما عنده سواء (٤).
قوله عزوجل : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)(٥).
تقديره : يحذركم نفسه يوم تجد (٦) ، أو اذكر يوم تجد (٧) ،
__________________
(١) سورة الرعد ، الآية : ١٠.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ٣.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤.
(٤) انظر في سبب تقديم الإخفاء على الإبداء في هذه الآية : البحر المحيط (٢ / ٤٤٣ ، ٤٤٤) ، والدر المصون (٣ / ١١٤) ، والتحرير والتنوير (٣ / ٢٢٢).
(٥) سورة آل عمران ، الآية : ٣٠.
(٦) وهو قول الزجاج كما في معاني القرآن (١ / ٣٩٧). وانظر : مشكل إعراب القرآن (١ / ١٥٥) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٥٧) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٤٤) ، والدر المصون (٣ / ١١٤).
(٧) ذكر هذا التقدير ابن جرير الطبري في جامع البيان (٦ / ٣١٩) قال : «وقد زعم بعض أهل العربية أن معنى ذلك : واذكر يوم تجد» ، وذكره أيضا