قوله (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)(١) ، وفيه تعليمنا كيف نمدح أبناء جنسنا بأن نذكر أشرف خصالهم (٢).
والثاني : أنه نصّ على المعظّم ليفهم منه الضد الآخر (٣) ، كقوله : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ)(٤) ، وكقول الشاعر :
فما أدري إذا يممت وجها |
|
أريد الخير أيّهما يليني (٥) |
والثالث : أنه أراد بالخير : الخير والشر ، وسمّاهما خيرا ، لأنه ليس في العالم شرّ خالص ، كما أن فيه خيرا / خالصا ، وذاك أن ما هو شر لكذا هو خير لكذا ، فالخير والشر يصدق عليهما الوصف بالخير من هذه الجهة ، ولا يصدق عليهما الوصف بالشر ، فلو قال بيده الشرّ ، لم يدخل فيه الخير (٦). ووصفه بالقدرة على كل
__________________
(١) سورة الشعراء ، الآية : ٨٠.
(٢) لو قال : وفيه تعليمنا كيف نمدحه تعالى ، ونثني عليه ، كان أولى. ولذلك عمّم أبو حيان الجملة ، فقال في البحر المحيط (٢ / ٤٣٨) : وفي الاقتصار على ذكر الخير تعليم لنا كيف نمدح بأن نذكر أفضل الخصال.
(٣) انظر هذا القول في : النكت والعيون (١ / ٣٨٤) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٥٠) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٥٥) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٣٨).
(٤) سورة النحل ، الآية : ٨١.
(٥) البيت للمثقّب العبدي ، واسمه عائذ بن محصن بن ثعلبة ، وقد ذكره السيوطي في «شرح شواهد المغني» (١ / ١٩١) ونسبه إليه.
(٦) انظر هذا القول في : الكشاف (١ / ٣٥٠) ، وأنوار التنزيل (١ / ١٥٤) ،