إن كانت للجاحدين فغير مقبولة ، وإن كانت للمؤمنين به ففضلة؟ وهل يكفي النبي صلىاللهعليهوسلم إذا طولب بالدلالة أن يقول : الله شاهد لي بذلك؟ قيل : الشاهد العالم بالشيء ، المبيّن لغيره ، وأصدق شاهد من يعلم المشهود عند الدلالة المنبئة عن صدقه ، وعن كون الأمر على ما شهد به (١) ، والبارئ عزوجل لما جعل في كل شيء تنبّؤا عن وحدانيته صار له في كل شيء لسان يشهد أنه واحد ، وهذا ظاهر (٢) ،
__________________
(١) أشار إلى ذلك الزجاج في معاني القرآن ، فقال : «لأن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه ، فالله عزوجل قد دلّ على توحيده بجميع ما خلق ، فبيّن أنه لا يقدر أحد أن ينشىء شيئا واحدا مما أنشأ». انظر : معاني القرآن (١ / ٣٨٥) ، والوسيط (١ / ٤٢٠) ، والبحر المحيط (٢ / ٤١٩). وقال الرازي : والشاهد الحقيقي ليس إلا الله ، وذلك لأنه تعالى هو الذي خلق الأشياء ، وجعلها دلائل على توحيده ، ولو لا تلك الدلائل لما صحّت الشهادة ، ثم بعد ذلك نصب تلك الدلائل ، وهو الذي وفق العلماء لمعرفة تلك الدلائل ، ولو لا تلك الدلائل التي نصبها الله تعالى وهدى إليها لعجزوا عن التوصل بها إلى معرفة التوحيد. وإذا كان الأمر كذلك كان الشاهد على الوحدانية ليس إلا الله وحده ، ولهذا قال : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ) [الأنعام : ١٩] ، انظر : التفسير الكبير (٧ / ١٧٨).
(٢) قال الراغب في المفردات : فشهادة الله تعالى بوحدانيته هي إيجاد ما يدلّ على وحدانيته في العلم وفي نفوسنا ، كما قال الشاعر :
وفي كلّ شيء له آية |
|
تدلّ على أنه واحد |
قال بعض الحكماء : إن الله تعالى لمّا شهد لنفسه ، كانت شهادته أن أنطق