وكان (١) قد أخبر أن المائة من المسلمين تغلب المائتين ، فأراهم المشركين على قدر ما أعلمهم ، ليقوّي قلوبهم ، وأرى المشركين أن المسلمين أقل من ذلك. ومع ذلك ألقى في قلوبهم الرعب ،
__________________
ـ عشر رجلا ، وكان المشركون مثليهم. فأنزل الله عزوجل : (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) وكان المشركون ستة وعشرين وستمائة ، فأيد الله المؤمنين. أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٦ / ٢٣٥) ، وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٢ / ٦٠٦) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٢ / ٤١٣) ، وذكره ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (١ / ٣٣١) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ١٧) ، وعزاه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم ، وقال الطبري بعد ذكره لرواية ابن عباس رضي الله عنه : وهذه الرواية خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن عدة المشركين يوم بدر. وأشار ابن كثير رحمهالله إلى ضعف هذا القول أيضا ، فقال : «وكأن هذا القول مأخوذ من ظاهر هذه الآية ، ولكنه خلاف المشهور عند أهل التواريخ والسير وأيام الناس ، وخلاف المعروف عند الجمهور أن المشركين كانوا بين تسعمائة إلى ألف». والذي يظهر أن الراغب قد فهم كلام ابن عباس على غير وجهه ، فابن عباس جزم بأن المشركين كانوا ستمائة وكسر حقيقة ، ولم يرهم الله ذلك على غير الحقيقة لتقوية قلوبهم كما ذكر الراغب. أما صاحب هذا القول الذي ذكره الراغب فهو الزجاج ، حيث نقل الراغب هنا عباراته مع تصرف يسير. انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٣٨٢) ، وقد ذكر ابن عطية هذا القول أيضا ، ونسبه إلى الزجاج. انظر : المحرر الوجيز (٣ / ٣٠).
(١) في الأصل : «وقد كان قد» والأصح ما أثبته.