ثلاثة أمثالهم ، فقد روي أن المشركين كانوا تسعمائة وخمسين إلى ألف ، والمسلمين كانوا ثلاثمائة وبضعة عشرة؟ قيل في ذلك أقوال : أحدها : ما قاله الفرّاء : وهو أن يقول الرجل لغيره : احتاج إلى مثلك ، أي احتاج إليك وإلى آخر ، وعلى هذا احتاج إلى مثليك يكون محتاجا إلى ثلاثة (١) ، فكأنه قيل : يرونهم ثلاثة أمثالهم ، وهذا لا يساعده اللفظ ، لأنه لو كان كما يقول لقال : يرونهم ومثليهم. والثاني : ما قاله ابن عباس : إن الله عزوجل [أرى](٢) المسلمين أن المشركين هم ستمائة وكسر (٣).
__________________
ـ وبعض المكيين (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ) بالياء بمعنى : يرى المسلمون الذين يقاتلون في سبيل الله الجماعة الكافرة مثلي المسلمين في القدر. انظر :
جامع البيان (٦ / ٢٣٣).
(١) انظر : معاني القرآن (١ / ١٩٤). وقد خطّأ الزّجّاج الفراء في هذا القول ، وأبطله في اللغة وفي المعنى. انظر : معاني القرآن (١ / ٣٨١). وتفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٤ / ٢٦ ـ ٢٧) ، حيث نقل قول الفرّاء ، وردّ عليه بقوله : «والمعنى على خلاف ما قال واللغة ، والذي أوقع الفرّاء في هذا : أنّ المشركين كانوا ثلاثة أمثال المؤمنين يوم بدر ، فتوهّم أنه لا يجوز أن يكونوا يرونهم إلا على عدتهم ، وهذا بعيد ، وليس المعنى عليه ؛ وإنّما أراهم الله على غير عدتهم لجهتين : إحداهما : أنه رأى الصلاح في ذلك ، لأن المؤمنين تقوى قلوبهم بذلك ، والأخرى : أنه آية للنبي صلىاللهعليهوسلم».
(٢) ليست في الأصل ، والسياق يقتضيها.
(٣) الثابت عن ابن عباس أنه قال : فإن المؤمنين كانوا يومئذ ثلاثمائة وثلاثة