قوله : (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)(١) على هذا.
والتذكّر هاهنا : هو الاتعاظ ، ولم يجعل ذلك إلا لصفو الخلائق ، لما تقدم أن معرفة ما يصح أن يطلب ويعلم مما لا يصحّ فيه ذلك أشرف منزلة في العلم.
قوله عزوجل : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(٢) الوهاب (٣) : قيل معناه : لا تزغ قلوبنا عن الثواب في الآخرة (٤) ، وقيل : لا تنسبها إلى الزيغ ، ولا تحكم عليها بذلك (٥). وقيل : لا تفعل بنا من الإكرام ما يؤدي إلى الزيغ ، فكأن الإزاغة إعطاء الخيرات الدنيوية المثبطة عن الخيرات الأخروية المشار إليه بقوله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ)(٦) ولهذا قال أمير المؤمنين رضي الله عنه : «من وسع
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٧.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٨.
(٣) كذا في الأصل.
(٤) وهو قول أبي علي الجبائي المعتزلي. انظر : التفسير الكبير (٧ / ١٥٦) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٠٢).
(٥) وهو قول الكعبي من المعتزلة. انظر : التفسير الكبير (٧ / ١٥٦).
(٦) سورة الشورى ، الآية : ٢٧.