الفكر ، ليعلم أنه لم يجعل الإنسان عبثا ، ومنها : حثّ من أخبر الله عنهم أنهم قالوا : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ)(١) على أن يتدبره ، لأنهم إذا سمعوا ما في ظاهر [ه](٢) التنافي تأملوه طلبا لردّه ، فيصير ذلك سببا أن يعرفوه لمعرفتهم بإعجازهم ولزوم الحجة به ، ومنها : أن يصير سببا لاعتراف الإنسان بعجزه ومعرفة نقصه ، ومنها : أن يصير الناس / تبعا للأنبياء وأولي الأمر الذين حثّ على اتباعهم بقوله : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(٣) وقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ)(٤) فذم لهم بأنهم لزيغهم يتحرّون طلب الفتنة (٥) ، وقدّم
__________________
(١) سورة فصلت ، الآية : ٢٦.
(٢) في الأصل : ظاهر. والصواب ما أثبته.
(٣) سورة النساء ، الآية : ٨٣.
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ٧. والزيغ : الميل عن الاستقامة. انظر : معجم مقاييس اللغة (٣ / ٤١) ، والمفردات ص (٣٨٧) والمعجم الوسيط ص (٤٠٧). أما معنى الزيغ في الآية ، فقد ذكر المفسرون أنه العناد والشك والميل عن الهدى. انظر : جامع البيان (٦ / ١٨٣) ، زاد المسير (١ / ٣٥٣) ، والبحر المحيط (٢ / ٣٩٩).
(٥) قال ابن الجوزي : وفي المراد بالفتنة ههنا ثلاثة أقوال ، أحدها : أنها الكفر ، قاله السدي والربيع ومقاتل وابن قتيبة. والثاني : الشبهات ، قاله مجاهد. والثالث : إفساد ذات البين ، قاله الزجاج. انظر : زاد المسير (١ / ٣٥٤) ، ـ والبحر المحيط (٢ / ٤٠٠).