لقول الله سبحانه : (وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ)(١).
قال ابن القاسم : وكره مالك أن يحج النساء في البحر ، لأنها كشفة ، وكره أن يحج أحد في البحر إلا مثل أهل الأندلس ، الذين لا يجدون منه بدّا.
وقال في كتاب محمد وغيره : قال الله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (٢٧) (٢) وما أسمع للبحر ذكرا».
ويبدو أن ابن عطية لم يرتض كراهة مالك ركوب البحر ، فقال : «وهذا تأنيس من مالك ـ رحمهالله ـ لسقوط لفظة البحر ، وليس تقتضي الآية سقوط البحر» ثم ذكر حديثا فيه بشارة من النبي صلىاللهعليهوسلم بركوب البحر للغزو في سبيل الله ، ثم قال : «ولا فرق بين الغزو والحج» (٣).
ففي هذا المثال تظهر إحاطة ابن عطية ـ رحمهالله ـ بالفقه المالكي ، ومصادره ورجاله ، ومعرفته بتعدد أقوال صاحب المذهب في المسألة الواحدة. ويظهر كذلك من خلال اعتراضه على كراهة الإمام مالك ـ رحمهالله ـ لركوب البحر في الحج ـ ولو من طرف
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ٩١.
(٢) سورة الحج ، الآية : ٢٧.
(٣) تفسير ابن عطية (٣ / ١٧٢ ـ ١٧٣).