خفي ـ على تميزه ، واجتهاده في الوصول إلى الصواب ، ولو عن طريق مخالفة المذهب.
وأما ذكره لخلاف المذاهب فيظهر من خلال تعرّضه لمسألة حج المرأة بدون محرم ، إذ يقول : «ولا حجّ على المرأة إلا إذا كان معها ذو محرم ، واختلف إذا عدمته ، هل يجب الحج بما هو في معناه من نساء ثقات يصطحبن في القافلة أو رجال ثقات؟ فقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وابن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو حنيفة وأصحابه : المحرم من السبيل ، ولا حج عليها إلا مع ذي محرم.
وهذا وقوف مع لفظ الحديث.
وقال مالك : تخرج مع جماعة نساء.
وقال الشافعي : تخرج مع حرة ثقة مسلمة.
وقال ابن سيرين : تخرج مع رجل ثقة من المسلمين.
وقال الأوزاعي : تخرج مع قوم عدول ، وتتخذ سلّما تصعد عليه وتنزل ، ولا يقربها رجل.
وهذه الأقوال راعت معنى الحديث» (١).
ويبدو أن ابن عطية لم يرد الانتصار لمذهبه المالكي في كل مسألة ، لأنه يعلم أنه يكتب في مجال التفسير لا في مجال الفقه ، وليس من وظيفة المفسّر الاستطراد والتطويل في ذكر الأحكام الفقهية أو
__________________
(١) تفسير ابن عطية (٣ / ١٧٤).