فعند قوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)(١).
قال ابن عطية : واختلف الناس في معنى قوله : (كانَ آمِناً) فقال الحسن وقتادة وعطاء ومجاهد وغيرهم : هذه وصف حال كانت في الجاهلية ... وقال ابن عباس رضي الله عنهما : من أحدث حدثا ثم استجار بالبيت فهو آمن ، وإن الأمن في الإسلام كما كان في الجاهلية ، والإسلام زاد البيت شرفا وتوقيرا ، فلا يعرض أحد بمكة لقاتل وليّه ، إلا أنه يجب على المسلمين ألا يبايعوا ذلك الجاني ، ولا يكلّموه ، ولا يؤوه ، حتى يتبرّم فيخرج من الحرم فيقام عليه الحد.
وقال بمثل هذا عبيد بن عمير ، والشعبي ، وعطاء بن أبي رباح والسّدّي وغيرهم (٢).
وعند قوله : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) قال : ذهبت فرقة من العلماء إلى قوله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) كلام عام لا يتفسر بزاد وراحلة ولا غير ذلك ، بل إذا كان مستطيعا غير شاق على نفسه ، فقد وجب عليه الحج. قال ذلك ابن الزبير والضحاك. وقال الحسن : من وجد شيئا يبلغه فقد استطاع إليه سبيلا. وقال عكرمة : استطاعة السبيل : الصحة. وقال ابن عباس : من ملك ثلاثمائة درهم فهو السبيل إليه (٣).
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٩٧.
(٢) تفسير ابن عطية (٣ / ١٦٨).
(٣) تفسير ابن عطية (٣ / ١٧١).