وفي موضع آخر من تفسير الآية ساق ابن عطية طائفة من أقوال الصحابة والتابعين ، فقال : وقوله : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) قال ابن عباس : المعنى : من زعم أن الحج ليس بفرض عليه. وقال مثله الضحاك وعطاء وعمران القطان والحسن ومجاهد ... وقال ابن عمر وجماعة من العلماء : معنى الآية : من كفر بالله واليوم الآخر ، وهذا قريب من الأول ، وقال ابن زيد : معنى الآية : من كفر بهذه الآيات التي في البيت.
وقال السّدّي وجماعة من أهل العلم : معنى الآية : ومن كفر بأن وجد ما يحج به ثم لم يحج. قال السّدّي : من كان بهذه الحال فهو كافر» (١).
فإذا نظرنا إلى ما أورده الراغب من أقوال في هذه الآية تبيّن الفرق حيث إنه لم يذكر إلا قول ابن عباس فقط في معنى الكفر في الآية (٢).
ويتشابه ابن عطية مع الراغب في تعليقه على ما يورده من أقوال ، واختياره بعضها ، وتضعيف بعضها ، إذا رأى ما يوجب ذلك. فعند قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ)(٣) قال ابن عطية : اختلف المتأولون في كيف يترتب كفر بعد إيمان ، ثم زيادة كفر؟! فقال
__________________
(١) تفسير ابن عطية (٣ / ١٧٥).
(٢) انظر : الرسالة ص (٧٤٣).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٩٠.