بِما كَسَبُوا)(١) قال ابن عطية : واختلف المتأولون فيمن المراد بالمنافقين؟ فقال ابن عباس : هم قوم كانوا بمكة فكتبوا إلى أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة : أنهم قد آمنوا ، وتركوا الهجرة ، وأقاموا بين أظهر الكفار ، ثم سافر قوم منهم إلى الشام ، فأعطتهم قريش بضاعات ، وقالوا لهم : إنكم لا تخافون أصحاب محمد ، لأنكم تخدعونهم بإظهار الإيمان لهم ، فاتصل خبرهم بالمدينة ، فاختلف المؤمنون فيهم ، فقالت طائفة : نخرج إلى أعداء الله المنافقين. وقالت طائفة : بل هم مؤمنون ، لا سبيل لنا إليهم. فنزلت الآية.
وقال مجاهد : بل نزلت في قوم جاءوا إلى المدينة من مكة فأظهروا الإسلام. ثم قالوا : لنا بضاعات بمكة ، فانصرفوا إليها وأبطنوا الكفر ، فاختلف فيهم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم». قال ابن عطية بعد أن ذكر هذين القولين : «وهذان القولان يعضدهما ما في آخر الآية» (٢). ثم ذكر ثلاثة أقوال أخرى في سبب نزول الآية ، الذي يحدد هؤلاء المنافقين ، فهذه خمسة أسباب ذكرها ابن عطية في آية واحدة ، وحاول ترجيح قولين منها بمرجّح رآه في الآية نفسها.
ومع أن الراغب ذكر هذه الأقوال الخمسة في سبب نزول الآية ، إلا أنه لم يرجّح شيئا منها (٣).
وفي قضية عموم اللفظ وخصوص السبب عند قوله تعالى :
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٨٨.
(٢) تفسير ابن عطية (٤ / ١٩٨).
(٣) انظر : الرسالة ص (١٣٧٥ ، ١٣٧٦).