٤ ـ القول بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ويتفوق ابن عطية على الراغب في أنه قد يرجّح بعض أسباب النزول ، وقد يضعّف بعضها ، أما الراغب فقد كان يكتفي بسردها دون ترجيح ، فعند قوله تعالى : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)(١). قال ابن عطية :
«هذا هو تفسير الجمهور لهذه الآية ، وأنها غزوة أحد ، في الخرجة إلى حمراء الأسد ، وشذّ مجاهد ـ رحمهالله ـ فقال : إن هذه الآية من قوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) إلى قوله : (ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)(٢) إنما نزلت في خروج النبي صلىاللهعليهوسلم إلى بدر الصغرى ... والصواب ما قاله الجمهور : إن هذه الآية نزلت في غزوة حمراء الأسد» (٣).
فابن عطية يذكر هنا الخلاف في سبب نزول الآية ، ويضعّف قول مجاهد ، ويرجّح قول الجمهور.
أما الراغب فإنه اكتفى بالإشارة إلى قول بعض المفسرين : إنها نزلت في غزوة بدر الصغرى ، ولم يتعرض لقول الجمهور : إنها في غزوة حمراء الأسد (٤).
وعند قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٧٤.
(٢) سورة آل عمران ، الآيتان : ١٧٣ ، ١٧٤.
(٣) تفسير ابن عطية (٣ / ٢٩٨ ، ٢٩٩).
(٤) انظر : الرسالة ص (٩٩٠ ، ٩٩١).