ابن عطية الأحاديث محذوفة الأسانيد كالراغب ، وحذف كذلك اسم الصحابي راوي الحديث في الغالب ، وذكره في مواضع ، ولم يذكر مصادر ما يورده من أحاديث ، ولا مدى صحتها إلا في النادر ، حيث كان يشير إلى بعض المصادر كالصحيحين مثلا ، وربما علّق على بعض الأحاديث وبعض الرواة.
ومن المواضع التي استشهد فيها ابن عطية بالأحاديث الصحيحة :
١ ـ عند قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ)(١) ذكر ابن عطية وجها من التفسير ، مفاده أن المراد وضع إبراهيم لقواعد البيت ، فقال : «ويحتمل أن يريد وضع إبراهيم عليهالسلام» ، ثم قال : «ويؤيد هذا التأويل ما قال أبو ذرّ ـ رضي الله عنه ـ قال : قلت : يا رسول الله! أيّ مسجد وضع أول؟ قال : «المسجد الحرام». قلت : ثم أي؟ قال : «المسجد الأقصى». قلت : كم بينهما؟ قال : «أربعون سنة» (٢). ثم قال : «فيظهر من هذا أنهما من وضع إبراهيم جميعا» (٣). ففي هذا المثال رجّح ابن عطية أحد الأوجه التفسيرية ، معتمدا في ذلك على السنة النبوية الصحيحة.
٢ ـ وعند قوله تعالى : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٩٦.
(٢) تقدم تخريجه ص (٣٠٤).
(٣) انظر : تفسير ابن عطية (٣ / ١٦٣).