والقول بأن العباد يخلقون أفعالهم ، فتراه يذكر هذه الأصول عند كل مناسبة ، بل إنه يذكرها بغير مناسبة كذلك. مثال ذلك قوله في تفسير آخر الآية السابقة : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) صفتان مقررتان لما وصف به ذاته من الوحدانية والعدل. يعني أنه العزيز الذي لا يغالبه إله آخر ، الحكيم الذي لا يعدل عن العدل في أفعاله (١).
ثم قال : «وقوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)(٢) جملة مستأنفة مؤكدة للجملة الأولى. فإن قلت : ما فائدة هذا التوكيد؟ قلت : فائدته أن قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) توحيد. وقوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) تعديل ، فإذا أردفه قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد ، وهو الدين عند الله ، وما عداه فليس عنده في شيء من الدين».
ثم عرّض الزمخشري بأهل السنة ، فقال : «وفيه أن من ذهب إلى تشبيه أو ما يؤدي إليه كإجازة الرؤية ، أو ذهب إلى الجبر الذي هو محض الجور ، لم يكن على دين الله الذي هو الإسلام ، وهذا بيّن كما ترى. وقرئا مفتوحين على أن الثاني بدل من الأول ، كأنه قيل : شهد الله أن الدين عند الله الإسلام ، والبدل هو المبدل منه في المعنى ، فكان بيانا صريحا ، لأن دين الله هو التوحيد والعدل.
وقرىء الأول بالكسر والثاني بالفتح ، على أن الفعل واقع على
__________________
(١) انظر الكشاف (١ / ٣٤٤).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٩.