وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(١) قصر الزمخشري أولي العلم في الآية على علماء المعتزلة وحدهم ، وأخرج من سواهم ، فقال : «فإن قلت : ما المراد بأولي العلم الذين عظّمهم هذا التعظيم ، حيث جمعهم معه ومع الملائكة في الشهادة على وحدانيته وعدله؟ قلت : هم الذين يثبتون وحدانيته وعدله بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة ، وهم علماء العدل والتوحيد» (٢).
قال ابن المنيّر في حاشيته على الكشاف : «تلميح بالمعتزلة ، حيث سموا أنفسهم أهل العدل والتوحيد ، لكن الإنصاف التعميم ، حتى يشمل أهل السنة والجماعة» (٣).
ويحسن التنبيه هنا أن العدل والتوحيد عند المعتزلة ليسا على حقيقتهما ، فالعدل عندهم هو قولهم : إن الله لا يخلق الشرّ ، وإن العباد يخلقون أفعالهم. أما التوحيد عندهم فهو نفي صفات الله تعالى ، التي أثبتها لنفسه (٤).
أما الراغب الأصفهاني فإنه لم يخصّ طائفة من العلماء دون طائفة ، كما فعل الزمخشري (٥).
والزمخشري مولع بذكر أصول المعتزلة الخمسة ، وبخاصة العدل والتوحيد ، وهما كما سبق يتضمنان نفي صفات الله تعالى ،
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٨.
(٢) الكشاف (١ / ٣٤٤).
(٣) حاشية ابن المنير على الكشاف (١ / ٣٤٤).
(٤) انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (١٣ / ٣٥٧ ، ٣٥٨).
(٥) انظر الرسالة ص (٤٦٥).