وبخاصة المعتزلة والملاحدة.
أما الزمخشري فقد كتب تفسيره في ضوء عقيدة المعتزلة ، بل إن الهدف الأساسي في تأليف هذا التفسير هو الانتصار لمذهب المعتزلة ، والدفاع عن أصولهم الخمسة ، والدعوة لأقوالهم وآرائهم ، وقد أبان الزمخشري إلى هذا المقصد في مقدمة تفسيره ، فقال : «ولقد رأيت إخواننا في الدين من أفاضل الفئة الناجية العدلية الجامعين بين علم العربية والأصول الدينية ، كلما رجعوا إليّ في تفسير آية ، فأبرزت لهم بعض الحقائق من الحجب ، أفاضوا في الاستحسان والتعجّب ، واستطيروا شوقا إلى مصنف يضم أطرافا من ذلك. حتى اجتمعوا إليّ مقترحين أن أملي عليهم (الكشف عن حقائق التنزيل في وجوه التأويل) فاستعفيت ، فأبوا إلا المراجعة والاستشفاع بعظماء الدين وعلماء العدل والتوحيد ...» (١).
ولهذه الظروف المذهبية التي كانت سببا في تأليف كشاف الزمخشري ، نجد أنه انتصر انتصارا كبيرا لهذه العقيدة الاعتزالية ، ونافح عنها ، وردّ على خصومها ، ورماهم بالجهل والضلال ، وأخذ في تأويل آيات الكتاب العزيز ، وصرفها عن معانيها حتى تتفق مع هذه العقيدة. وسوف أذكر بعض الأمثلة ، التي توضح الفرق بين منهجي الراغب والزمخشري في مسائل الاعتقاد.
١ ـ عند قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ
__________________
(١) انظر مقدمة الكشاف ص (س).