المحور السادس : مسائل العقيدة في تفسير الراغب
لم يحفل القسم المحقق من هذا التفسير في هذه الرسالة بكثير من مسائل الاعتقاد ، التي يستطيع الباحث من خلالها تكوين رؤية كاملة عن منهج الراغب الأصفهاني في مسائل الاعتقاد ، ولكن يمكن من خلال هذا القسم تناول بعض القضايا التالية :
أولا : موقفه من الاحتجاج بأخبار الآحاد في العقيدة :
يرى الراغب أن أخبار الآحاد يحتجّ بها في مسائل العقيدة ، التي عبّر عنها بباب الدين والعلم إلا فيما ترده العقول الصحيحة ، قال الراغب : «وما قالوه بأن هذا من أخبار الآحاد فلا يقبل فيما هو من باب الدين والعلم ، فإن أخبار الآحاد تردّ فيما تعافه العقول الصحيحة» (١) ، وتقييد الراغب ذلك بالعقول الصحيحة ، صحّح قوله ، لأن العقل الصحيح لا يمكن أن يخالف النصّ الصريح ، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله (٢).
ثانيا : منزلة العمل من الإيمان عند الراغب :
عند قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)(٣) قال الراغب : «إن قيل : لم أخّر الإيمان بالله عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قيل :
__________________
(١) الرسالة ص (١٢٦٨ ، ١٢٦٩). وانظر الكلام حول الاحتجاج بخبر الآحاد في : الإحكام في أصول الأحكام (١ / ١٠٦) وما بعدها ، والكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص (٤٢).
(٢) انظر : درء تعارض العقل والنقل (٥ / ٢٥٥ ، ٢٥٦).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١١٠.