فإنه لا يحبكم ، وفي ذلك إبطال دعواهم حيث قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)(١)».
ثالثا : نظره في حكمة الترتيب :
اعتنى الراغب في تفسيره بمعرفة حكمة الترتيب بين الآيات ، وذكر تعلق الآية بما قبلها ، وهو لا يتكلم في ذلك إلا على الآيات ، التي قد تخفى حكمة تعلقها بما قبلها ، أما الآيات الظاهرة الارتباط بما قبلها ، فإنه لا يتكلم عنها ، ومن ذلك :
١ ـ عند قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)(٢) قال الراغب : «إن قيل : ما تعلق هذه الآية بما قبلها؟ قيل : لما عرّفنا أنه مالك الكل والقادر عليه نهانا عن موالاة من يعاديه» (٣).
٢ ـ وعند قوله تعالى : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) الآية (٤) قال الراغب : «إن قيل : كيف تعلق هذه الآية بما قبلها ، وما قبلها حكاية حكى الله عن نفسه ، وهو (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ)(٥) وهذه حكاية حكاها عن عيسى عليه الصلاة والسّلام ، وهو (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) قيل : تقديره : وبعث رسولا
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ١٨. وانظر : الرسالة ص (٥٢٠ ، ٥٢١).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٢٨.
(٣) الرسالة ص (٥١٢).
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ٤٩.
(٥) سورة آل عمران ، الآية : ٤٨.