اتبعتم النبيّ فيما دعاكم إليه. وهذا كلام يقتضي قياسا بيانه : النبيّ لا يأمر المسلمين بالكفر ، وهذه مقدمة دلّ عليها قوله : (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ) ، لأن هذا الإنكار يقتضي أبلغ نفي ، والأمر باتخاذ النبيين والملائكة أربابا أمر بالكفر ، فإذن لا يكون ذلك من الأنبياء» (١).
٣ ـ وعند قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ* وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ)(٢) قال الراغب : «والآيتان تضمنتا إلزاما ، هو جار مجرى قياسين شرطيين ، اقتضيا الحرص على القتل في سبيل الله ، وبيانه ما أقول : إن قتلتم في سبيل الله أو متم فيه حصلت لكم المغفرة والرحمة ، تنبيها أنه أوجبهما للثواب ، ولمّا عنى في الثانية الموت المطلق ، والقتل العارض ، قدّم أبينهما عندهم إذ لا بد منه. فكأنه قيل : إن حصل ما لا بد منه بوجه وهو الموت حتف الأنف ، أو ما هو عارض ، وعندكم أنه قد يكون منه خلاص وهو القتل ، فالحشر لا محالة حاصل» (٣).
٤ ـ ومن القضايا العقلية المنطقية التي أوردها الراغب ما ذكره عند قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ)(٤) بقوله : «أي من تولى فقد خرج عن التحبب إليه ، ومن لم يتحبب إليه بطاعته ، فهو لا يحبه بإثابته ، والكافر غير متحبب إليه بتولّيه عنه ، فمحال أن يحبه ، فصار تقديره : إنكم إذ كفرتم بالإعراض عنه وعن رسوله
__________________
(١) الرسالة ص (٦٧٥ ، ٦٧٦).
(٢) سورة آل عمران ، الآيتان : ١٥٧ ، ١٥٨.
(٣) الرسالة ص (٩٤٦ ، ٩٤٧).
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ٣٢.