٦ ـ وعند قوله تعالى : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ)(١) بيّن الراغب اختلاف العلماء في اشتقاق الزبور ، فقال : «الزبور هو الكتاب ، لقول الشاعر :
كخط زبور في عسيب يماني
قيل : قد قال بعضهم : الزبور هو الكتاب المقصور على الحكمة العقلية دون الأحكام ، الشرعية. والكتاب في تعارف القرآن ما يتضمن الأحكام ، ولهذا جاء في عامة القرآن (كتاب وحكمة) ، ففصل بينهما لهذا ، واستعمل الكتابة في معنى الإيجاب ، فعلى هذا اشتقاقه من زبرت الشيء أي حكمته. وقيل : الزبور اسم لما أجمل ولم يفصّل ، والكتاب يقال لما قد فصّل ، واشتقاقه من الزّبرة أي القطعة من الحديد ، التي تركت بحالها ، وعلى هذا قال الشاعر :
وما السيف إلا زبرة لو تركتها |
|
على الحالة الأولى لما كان يقطع |
وقيل : الزبور هاهنا اسم للزاجر من قولهم : زبرته أي زجرته» (٢).
٧ ـ وعند قوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً)(٣) قال الراغب : «فالنّحلة : العطية التي لا يطلب بها عوض ، وأصله ـ عندي ـ من النّحل ، فكأن نحلته : أعطيته عطية النّحل .. وقول قتادة وابن زيد : النّحلة الفريضة ، فنظر منهم إلى حكم الآية ، لا إلى موضوع اللفظ والاشتقاق» (٤) ، وقول الراغب
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٨٤.
(٢) الرسالة ص (١٠٢٢ ، ١٠٢٣).
(٣) سورة النساء ، الآية : ٤.
(٤) الرسالة ص (١٠٩٥ ، ١٠٩٦).