٤ ـ وعند قوله تعالى : (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ)(١) قال الراغب : الغلام يجوز أن يكون أصلا في بابه ، وعنه أخذ الاغتلام ، لكون المغتلم شبيها به في المعنى المخصوص. ويجوز أن يجعل الغليم وهو منبع الماء من ذلك. وسمي الغلام لكونه ذا رونق ، ولذلك يقال : فلان عليه ماء الشباب.
والعقر : أصل البنّية للدار والإنسان ، وعقرته أي أصبت عقره أي أصل بنيته ، وذلك يقتضي معنى القتل ، ثم سمّي الجرح ـ أي جرح كان ـ عقرا ، وسمى الخمر عقارا ، لكونهما كالعاقر للإنسان ، وجعل بناؤه بناء الأرواء كالخمار والكباد. والمعاقرة : المشاربة ، كأنه يطلب كل واحد منهما عقر صاحبه بإسكاره ، وامرأة عاقر كأنها تعقر النسل لإفسادها ماء الفحل ، وجعل العقر اسما للدية ، وكنى به عن بذل البضع» (٢).
وكل هذه المعاني التي ذكرها الراغب للفظ «العقر» متقاربة ، تدور حول إصابة الأصل حقيقة كان أو مجازا.
٥ ـ وعند قوله تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)(٣) قال الراغب : «والمشاورة : استخراج صائب الرأي عن الغير ، واشتقاقه من شور العسل ، وشرت الدابة وشورتها» (٤).
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٤٠.
(٢) الرسالة ص (٥٤٣ ، ٥٤٤).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٩.
(٤) الرسالة ص (٩٤٩).