ولا يعلق على هذا التضعيف ، الذي شكك في قراءة متواترة صحيحة ثابتة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قرأ بها حمزة ، وكان على الراغب أن يردّ على من ضعّف هذه القراءة ، كما ردّ أبو حيان على ابن عطية لجسارته على تضعيف هذه القراءة (١). وقال النيسابوري بعد أن ذكر قول المضعّفين : «إلا أن قراءة حمزة مما ثبت بالتواتر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلا يجوز الطعن فيها ، لقياسات نحوية واهية كبيت العنكبوت» (٢).
ه ـ ترجيح بعض القراءات على بعض أحيانا :
١ ـ فعند تفسير قوله تعالى : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ)(٣) قال الراغب : «وقرئ (آية بينة) (٤) ، وكأن قارئه نظر إلى لفظ ما أبدل منه وهو مقام إبراهيم ، فلما كان مفردا جعل الآية مفردة ، والصحيح ما عليه الكافة ، فالمقام مصدر ، ويتناول الواحد والجمع» (٥). وقد أجاد الراغب في هذا الترجيح ، لأنه رجح القراءة الثابتة المتواترة على القراءة الشاذة التي لم تثبت.
٢ ـ عند تفسير قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ)(٦) ذكر الراغب أنه قرئ (يغلّ) و (يغلّ) ثم قال : «وقرأ رجل بحضرة ابن عباس (يغل) فقال : بلى ويقتل ، ولم يرتض قراءته .. وقال بعض
__________________
(١) انظر : البحر المحيط (٣ / ١٦٧).
(٢) تفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٤١).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٩٧.
(٤) وهي قراءة ابن عباس وأهل مكة ومجاهد وسعيد ، ذكره القرطبي في تفسيره (٤ / ١٣٩).
(٥) الرسالة ص (٧٣٦).
(٦) سورة آل عمران ، الآية : ١٦١.