وكان مسلكه بعد إيراد الآية أن يبدأ بالألفاظ ، فيرجعها إلى أصولها اللغويّة التي اشتقت منها ، ويستدل على ذلك بطريقة متميّزة ، جعلت ناقدا حصيفا كالزركشي يقول مبيّنا تفرد الراغب الأصفهاني بقدر زائد على أهل اللغة :
«اعلم أن القرآن قسمان : أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره ، وقسم : لم يرد .. وما لم يرد فيه نقل عن المفسرين ، وهو قليل ، وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ في لغة العرب ومدلولاتها واستعمالاتها بحسب السياق ، وهذا يعتني به «الراغب» كثيرا في كتاب «المفردات» ، فيذكر قيدا زائدا على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ ، لأنه اقتنصه من السياق» (١) ، ولقد كانت عناية الراغب باقتناص قيد زائد على أهل اللغة من السياق ، توضح مدلول اللفظ ومعناه أشدّ وضوحا في تفسيره منها في كتاب «المفردات» ، بسبب توسعه فيه وإطنابه في بيان مدلولات الألفاظ.
٢ ـ إكثار «الراغب الأصفهاني» في تفسيره من النقل عن أئمة اللغة ومجموعة من المفسرين ، الذين تعتبر كتبهم في حكم المفقودة ، مما يجعل تفسير الراغب مصدرا هامّا للباحثين ، الذين يريدون توثيق أقوال أولئك المفسرين ، ولا سيّما أنه أكثر من النقل عن أئمة المعتزلة معارضا أو مؤيّدا ، فمن هؤلاء : النظام (٢) (ت ٢٣١ ه) ،
__________________
(١) انظر : البرهان في علوم القرآن (٢ / ٣١٣).
(٢) وسوف تأتي تراجمهم في قسم التحقيق من هذه الرسالة.