وأما كون «حاجي خليفة» يذكر كتاب «المعاني الأكبر» وكتاب «احتجاج القرّاء» وينسبهما للراغب الأصفهاني ، فالذي يظهر أنه فعل ذلك نتيجة لرؤيته للنسخ الخطيّة لكتاب «أسرار التنزيل» و «حل متشابهات القرآن» المنسوب للراغب الأصفهاني ، والتي جاء في مقدمتها ذكر هذين الكتابين ، وبالتالي فإن استناده على مجرد نسبة الكتاب للراغب من قبل أحد النساخ لا ينهض دليلا كافيا للجزم بصحة تلك الفرضيّة ؛ بدليل أن «حاجي خليفة» نفسه عاد فنسب كتاب «درّة التنزيل» إلى الفخر الرازي (١) ، فهل يقال حينئذ : بأن كتابي «المعاني الأكبر» و «احتجاج القرّاء» للفخر الرازي.
ويستدل القائلون بنسبة كتاب «درّة التنزيل» للراغب الأصفهاني إلى أن أسلوب الراغب الأصفهاني واضح فيه ، وهي دعوى يمكن معارضتها بضدها ما لم يقم دليل واضح على تأييدها. والاحتجاج بأنه «يغوص كما عودنا في أعماق اللغة ويستخدم الشعر في التمثيل على شرح بعض المعاني» (٢) فهو أمر تعودنا عليه من كثير من العلماء ، وليس الراغب وحده «وهو كلام عام ينطبق على كتب الراغب وعلى غيرها ، ولا يمكن الاعتماد عليه في صحة إثبات الكتب لمؤلفيها أو نفيها» (٣).
«ولا شك بأن الناظر في أسلوب «درّة التنزيل» وفي أسلوب كتب
__________________
(١) انظر : كشف الظنون (١ / ٧٣٩).
(٢) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ص (٧٧).
(٣) انظر : بحث بعنوان «كتاب درّة التنزيل لا تصح نسبته للراغب الأصفهاني» ص (٤٣).