الراغب يجد أن كتب الراغب أعلى بيانا وأكثر إشراقا وأشد إحكاما» (١) بل إن في مقدمة «درّة التنزيل» حديثا من قبل المؤلف عن نفسه ، لا يستخدمه الراغب أبدا في أيّ من كتبه التي بين أيدينا ، وقد لاحظ القائلون بنسبة الكتاب للراغب الأصفهاني ذلك ، واستغربوه ، ولكنهم حاولوا تأويله بوجوه مختلفة من مثل قوله : «ففتقت من أكمام المعاني ما أوقع فرقانا» ، وقوله : «جردت لحرف أشكالها مبردا» (٢).
وأما بالنسبة للتطابق بين الكتاب المطبوع منسوبا للخطيب الإسكافي والنسخ الخطيّة المنسوبة للراغب الأصفهاني ، فهذا يدل على خطأ النسبة لأحدهما أو لكليهما معا ، وأن للكتاب مؤلفا آخر غير المذكورين ، وليس هذا مجال بحثنا.
وقد حصلت على النسخة الخطيّة ذات الرقم (١٨٠) في مكتبة راغب باشا بإستانبول ، وتحمل اسم «حل متشابهات القرآن» للراغب الأصفهاني ، وقمت بمقابلتها على كتاب «درّة التنزيل وغرّة التأويل» للخطيب الإسكافي ، فظهر التطابق التام بينهما واضحا جليّا باستثناء بعض الاختلافات اليسيرة ، التي تحدث بين النسخ الخطيّة المختلفة لكتاب واحد. والحاصل أن هناك شكّا كبيرا في صحة نسبة كتاب «درّة التنزيل وغرّة التأويل» للراغب الأصفهاني ، والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن الكتاب ليس من مصنّفات الراغب الأصفهاني.
__________________
(١) انظر : المصدر السابق ص (٤٤).
(٢) انظر : الراغب الأصفهاني وجهوده في اللغة والأدب ص (٧٩).