تشابها لفظيّا ، وليس هو من باب «تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد وما بينها من الفروق الغامضة» .. فالألفاظ المترادفة تختلف في اللفظ وتشترك في المعنى ، أما «درّة التنزيل» فهو في الآيات المتشابهة في اللفظ والمختلفة في المعنى ، نتيجة لاختلاف السياق ، الذي وردت فيه ، ومن ثم فهناك اختلاف كبير بين موضوعي الكتابين» (١).
ويؤكد ذلك الرجوع إلى المثال الذي أشار إليه القائلون بنسبة الكتاب للراغب الأصفهاني ، المتعلق بقوله تعالى في الآيات ٩٧ ، ٩٨ ، ٩٩ من سورة الأنعام (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ، وفي الثانية : (يَفْقَهُونَ) ، وفي الثالثة : (يُؤْمِنُونَ) ، ذلك أن الكلام في «درّة التنزيل» (٢) ينصب على بيان الحكمة من قوله : (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) بعد ذكر آيات نبهت على معرفة الله تعالى ، وهو أشرف معلوم ، وعلى بيان الحكمة من قوله : (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) بعد قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) تنبيها على تنقّل الإنسان من حال إلى حال ، من عدم إلى وجود ، ومن مكان إلى مكان ، من صلب إلى رحم ، ومن بطن أم إلى ظهر الأرض ، ومن ظهر الأرض إلى بطنها ، فأصحاب الفقه والبصيرة هم الذين يستدلون بانتقال الإنسان من موت إلى حياة ، ومن حياة إلى موت ، يستدلون بذلك على انتقاله من القبر إلى المحشر ، ومن الموت إلى الحياة الآخرة ، فناسب حينئذ أن يقول : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ).
__________________
(١) انظر : المصدر السابق ص (٣٥) بتصرف يسير.
(٢) انظر : (ص ٦٨) من «درّة التنزيل» المنسوب للخطيب الإسكافي.