لم يلتفت إلى عمرو ، وقال لمعاوية : ويحك ، علام يقتتل الناس بينى وبينك ، ويضرب بعضهم بعضا؟! ابرز إلى فأينا قتل صاحبه فالأمر له. فالتفت معاوية إلى عمرو فقال : ما ترى يا أبا عبد الله فيما ها هنا ، أبارزه؟ فقال عمرو : لقد أنصفك الرجل ، واعلم أنه إن نكلت عنه لم تزل (١) سبة عليك وعلى عقبك ما بقى عربي فقال معاوية : يا عمرو بن العاص ، ليس مثلى يخدع عن نفسه. والله ما بارز ابن أبى طالب رجلا قط إلا سقى الأرض من دمه. ثم انصرف راجعا حتى انتهى إلى آخر الصفوف وعمرو معه. [ فلما رأى على عليهالسلام ذلك ضحك وعاد إلى موقفه ]
وفي حديث عمر قال : قال معاوية : ويحك يا عمرو ، ما أحمقك ، أتراني أبرز إليه ودوني عك والأشعرون وجذام؟! قال : وحقدها معاوية على عمرو [ باطنا ] وقال له [ ظاهرا ] : ما أظنك [ قلت ما قلته ] يا عمرو (٢) إلا مازحا. فلما جلس معاوية مجلسه مع أصحابه أقبل عمرو يمشى حتى جلس فقال معاوية :
يا عمرو إنك قد قشرت لى العصا |
|
برضاك في وسط العجاج برازى |
يا عمرو إنك قد أشرت بظنة |
|
إن المبارز كالجدي النازى |
ما للملوك وللبراز وإنما |
|
حتف المبارز خطفة للبازى (٣) |
ولقد أعدت فقلت مزحة مازح |
|
والمزح يحمله مقال الهازى |
فإذا الذى منتك نفسك خاليا |
|
قتلى ، جزاك بما نويت الجازى |
فلقد كشفت قناعها مذمومة |
|
ولقد لبست بها ثياب الخازى (٤) |
__________________
(١) ح : « لم يزل » بالياء.
(٢) ح : « أبا عبد الله ».
(٣) في الأصل : « حسب المبارز حفظه من بازى » وأثبت ما كتب في هامش الأصل مشارا إليه بأنه كذلك في نسخة أخرى. وقد لفق من عجز هذا البيت وصدر سابقة بيت واحد في ح فأسقط صدر هذا وعجز سابقه.
(٤) في الأصل : « لبست بنا » صوابه في ح ( ١ : ٤٩٣ ).