سار بأصحابه ، فلما بلغ معاوية مسيره إليه سار بقضه وقضيضه نحو علي عليهالسلام ، واستعمل على مقدمته سفيان بن عمرو ، وعلى ساقته ابن أرطاة العامري ـ يعني بسرا (١) ـ فساروا حتى توافوا جميعا بقناصرين (٢) إلى جنب صفين. فأتى الأشتر صاحب مقدمة معاوية وقد سبقه إلى المعسكر على الماء ، وكان الأشتر في أربعة آلاف من متبصري أهل العراق ، فأزالوا أبا الأعور عن معسكره ، وأقبل معاوية في جميع الفيلق (٣) [ بقضه وقضيضه ] ، فلما رأى ذلك الأشتر انحاز إلى علي عليهالسلام وغلب معاوية على الماء ، وحال بين أهل العراق وبينه ، وأقبل علي عليهالسلام حتى إذا أراد المعسكر إذا القوم قد حالوا بينه وبين الماء.
ثم رجع إلى الحديث بإسناده إلى الأول. ثم إن عليا عليهالسلام طلب موضعا لعسكره ، وأمر الناس أن يضعوا أثقالهم ـ وهم مائة ألف أو يزيدون ـ فلما نزلوا تسرع فوارس من فوارس علي على خيلهم إلى معاوية وكانوا في ثلاثين ومائة ـ ولم ينزل بعد معاوية ، فناوشوهم القتال واقتتلوا هويا (٤).
__________________
(١) بعده في ح ( ١ : ٢٩١ ) : « وعلى الخيل عبيد الله بن عمر بن الخطاب ، ودفع اللواء إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وجعل على الميمنة حبيب بن مسلمة الفهري ، وعلى الميسرة عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعلى الرجالة من الميسرة حابس بن سعيد الطائي وعلى خيل دمشق الضحاك بن قيس الفهري ، وعلى رجالة أهل دمشق يزيد بن أسد بن كرز البجلي ، وعلى أهل حمص ذا الكلاع ، وعلى أهل فلسطين مسلمة بن مخلد ». وسيأتي هذا الكلام في نهاية هذا الجزء الثالث من الكتاب.
(٢) لم يذكره ياقوت. وفي القاموس : « وقناصرين بالضم : موضع بالشام ».
(٣) في الأصل : « جمع الفيلق » صوابه في ح ( ١ : ٣٢٥ ).
(٤) الهوى ، بفتح الهاء وكسر الواو وتشديد الياء : الحين الطويل من الزمان. وبالضم : السرعة ، يقال هوت الناقة تهوى هويا ، إذا عدت عدوا شديدا أرفع العدو.