إجلاء عمال عثمان من العراق ، وافترائه عليه يقبح محاسنه ، ويجهل حقه ، ويظهر عداوته. ومن خفة الأشتر وسوء رأيه أنه سار إلى عثمان في داره وقراره ، فقتله فيمن قتله ، فأصبح مبتغى بدمه (١). لا حاجة لي في مبارزته. قال : قلت له : قد تكلمت فاستمع مني حتى أخبرك (٢). قال : فقال : لا حاجة لي في جوابك ، ولا الاستماع منك. اذهب عني. وصاح بي أصحابه فانصرفت عنه. ولو سمع مني لأخبرته بعذر صاحبي وحجته. فرجعت إلى الأشتر فأخبرته أنه قد أبي المبارزة ، فقال : لنفسه نظر. قال : فتواقفنا حتى حجز بيننا وبينهم الليل ، وبتنا متحارسين. فلما أن أصبحنا نظرنا فإذا هم قد انصرفوا (٣). قال : وصبحنا (٤) على غدوة فسار نحو معاوية ، فإذا أبو الأعور السلمى قد سبق إلى سهولة الأرض ، وسعة المنزل ، وشريعة الماء ، مكان أفيح (٥) ، وكان على مقدمة معاوية.
نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن محمد بن علي ، وزيد بن حسن ، ومحمد ـ يعني ابن المطلب ـ قالوا : استعمل علي عليهالسلام ، على مقدمته الأشتر بن الحارث النخعي ، وسار علي في خمسين ومائة ألف من أهل العراق وقد خنست طائفة من أصحاب علي ، وسار معاوية في نحو من ذلك من أهل الشام ، واستعمل معاوية على مقدمته سفيان بن عمرو : أبا الأعور السلمي. فلما بلغ معاوية أن عليا يتجهز أمر أصحابه بالتهيوء. فلما استتب لعلي أمره
__________________
(١) مبتغى : مطلوبا. وفي ح والطبري : « متبعا ».
(٢) ح والطبري : « فاسمع حتى أجيبك ».
(٣) في الطبري : « قد انصرفوا من تحت؟؟ ليلتهم ».
(٤) في الأصل : « وأصبحنا » تحريف. وفي ح والطبري : « ويصبحنا على غدوة ».
(٥) الأفيح : الواسع. ح : « مكانا أفسح » ، محرف.