لله ولكم ؛ فإنه من علينا بما هو أهله أن نشكر فيه آلاءه وبلاءه ونعماءه قولا (١) يصعد إلى الله فيه الرضا ، وتنتشر فيه عارفة الصدق ، يصدق الله فيه قولنا ، ونستوجب فيه المزيد من ربنا ، قولا يزيد ولا يبيد ؛ فإنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم ، واستحكمت عقدتهم. فاحتشدوا في قتال عدوكم : معاوية وجنوده ؛ فإنه قد حضر. ولا تخاذلوا ؛ فإن الخذلان يقطع نياط القلوب ؛ وإن الإقدام على الأسنة نجدة وعصمة ؛ لأنه لم يمتنع (٢) قوم قط إلا رفع الله عنهم العلة ، وكفاهم جوائح الذلة (٣) ، وهداهم إلى معالم الملة.
والصلح تأخذ منه ما رضيت [ به ] |
|
والحرب يكفيك من أنفاسها جرع (٤) |
ثم قام الحسين بن علي خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : يا أهل الكوفة أنتم الأحبة الكرماء ، [ و ] الشعار دون الدثار ؛ جدوا في إحياء ما دثر بينكم ، وإسهال ما توعر عليكم ، وألفة ما ذاع منكم (٥).
__________________
(١) في الأصل : « قوك ». والكلام بعد : « إنما غضبنا لله ولكم » إلى : « ولا يبيد » لم يرد في ح.
(٢) الامتناع : العزة والقوة. وفي القاموس : « والممتنع الأسد القوي العزيز في نفسه ». ح : « يتمنع ». وفي اللسان : « منع الشيء مناعة : اعتز وتعسر. وقد تمنع ».
(٣) الجوائح : الدواهي والشدائد ، واحدتها جائحة. وفي الأصل : « حوائج » ، والوجه ما أثبت من ح.
(٤) البيت للعباس بن مرداس السلمي ، كما في الخزانة ( ٢ : ٨٢ ) والرواية. المعروفة : « السلم تأخذ منها ». ويستشهد بهذه الرواية اللغويون على أن « السلم » تؤنث. قال التبريزي : « الجرع : جمع جرعة ، وهي ملء الفم. يخبره أن السلم هو فيها وادع ينال من مطالبه ما يريد فإذا جاءت الحرب قطعته عن لذاته وشغلته بنفسه ». وهو تحريض على الصلح. وأنفاس الحرب ، أراد بها أوائلها.
(٥) ليست في ح. وذاع : انتشر وتفرق. وفي الأصل : « أذاع ».