ألا إن الحرب شرها ذريع ، وطعمها فظيع ، وهي جرع متحساة ، فمن أخذ لها أهبتها ، واستعد لها عدتها ، ولم يألم كلومها عند حلولها ، فذاك صاحبها. ومن عاجلها قبل أوان فرصتها واستبصار سعيه فيها ، فذاك قمن ألا ينفع قومه : و [ أن ] يهلك نفسه. نسأل الله بعونه أن يدعمكم بألفته (١).
ثم نزل. فأجاب عليا إلى السير (٢) والجهاد جل الناس ، إلا أن أصحاب عبد الله بن مسعود أتوه ، وفيهم عبيدة السلماني (٣) وأصحابه ، فقالوا له : إنا نخرج معكم ، ولا ننزل عسكركم ، ونعسكر على حدة حتى ننظر في أمركم وأمر أهل الشام ، فمن رأيناه أراد ما لا يحل له ، أو بدا منه بغي ، كنا عليه. فقال علي : مرحبا وأهلا ، هذا هو الفقه في الدين ، والعلم بالسنة ، من لم يرض بهذا فهو جائر خائن. وأتاه آخرون من أصحاب عبد الله بن مسعود ، فيهم ربيع بن خشيم (٤) وهم يومئذ أربعمائة رجل ، فقالوا : يا أمير المؤمنين إنا شككنا في هذا القتال على معرفتنا بفضلك ، ولا غناء بنا ولا بك ولا المسلمين عمن يقاتل العدو ، فولنا بعض الثغور نكون به (٥) تم نقاتل عن أهله. فوجهه علي (٦) على ثغر الرى ، فكان أول لواء عقده بالكوفة لواء ربيع بن خثيم.
__________________
(١) ح : « بالفيئة ».
(٢) في الأصل : « فأجابه إلى السير » ، والوجه ما أثبت من ح.
(٣) عبيدة ، بفتح أوله. وهو عبيدة بن عمرو ويقال ابن قيس بن عمرو السلماني ، بفتح السين المهملة وسكون اللام ، نسبة إلى سلمان بن يشكر بن ناجية بن مراد. أسلم قبل وفاة النبي بسنتين ولم يلقه. روى عن ابن مسعود وعلي ، وروى عنه محمد بن سيرين ، وأبو إسحاق السبيعي ، وإبراهيم النخعي وغيرهم. وقال ابن نمير : كان شريح إذا أشكل عليه شئ كتب إلى عبيدة. توفى سنة ٧٢ وقيل ثلاث ، وقيل أربع. الإصابة ٦٤٠١ والمعارف ١٨٨ وتقريب التهذيب ، ومختلف القبائل ومؤتلفها لمحمد بن حبيب ص ٣٠.
(٤) خثيم ، بهيئة التصغير. انظر الاشتقاق ١١٢ وشرح الحيوان ( ٤ : ٢٩٢ ).
(٥) ح ( ١ : ٢٨٣ ) : « نكمن به ».
(٦) ح : « فوجه علي عليهالسلام بالربيع بن خثيم ».