حقه ، وتنجزوا موعوده ، واعلموا أن الله جعل أمراس الإسلام متينة ، وعراه وثيقة ، ثم جعل الطاعة حظ الأنفس برضا الرب ، وغنيمة الأكياس عند تفريط الفجرة. وقد حملت أمر أسودها وأحمرها (١) ، ولا قوة إلا بالله. ونحن سائرون إن شاء الله إلى من سفه نفسه ، وتناول ما ليس له وما لا يدركه : معاوية وجنده ، الفئة الباغية الطاغية ، يقودهم إبليس ، ويبرق لهم ببارق تسويفه ، ويدليهم بغروره (٢). وأنتم أعلم الناس بحلاله وحرامه ، فاستغنوا بما علمتم ، واحذروا ما حذركم الله من الشيطان ، وارغبوا فيما أنالكم من الأجر والكرامة ، واعلموا أن المسلوب من سلب دينه وأمانته ، والمغرور من آثر الضلالة على الهدى. فلا أعرف أحدا منكم تقاعس عني وقال : في غيري كفاية ، فإن الذود إلى الذود إبل ، ومن لا يذد عن حوضه يتهدم. ثم إني آمركم بالشدة في الأمر ، والجهاد في سبيل الله ، وألا تغتابوا مسلما. وانتظروا النصر العاجل من الله إن شاء الله.
ثم قام الحسن بن علي خطيبا فقال :
الحمد لله لا إله غيره ، وحده لا شريك له ، وأثنى عليه بما هو أهله.
ثم قال :
إن مما عظم الله عليكم من حقه ، وأسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره ، ولا يؤدي شكره ، ولا يبلغه (٣) صفة ولا قول. ونحن إنما غضبنا
__________________
(١) يعني العرب والعجم ، ولغالب على ألوان العرب السمرة والأدمة ، وعلى ألوان العجم البياض والحمرة. في الأصل : « أمركم أسودها وأحمرها » ، صوابه في ح.
(٢) أي يوقعهم فيما أراد من تغريره. وفي الكتاب : ( فدلاهما بغرور ).
(٣) في الأصل : « تبلغها » ، والوجه ما أثبت من ح.