وعن أحمد بن يحيى ثعلب قال لي محمد بن عبد الله بن طاهر : ما الهلع؟ فقلت : قد فسره الله فلا يكون تفسيرا أبين من تفسيره وهو الذي إذا ناله شر أظهر شدة الجزع ، وإذا ناله خير بخل به ،
وفي معنى الخلق المذكور وجهان :
الأول : ذكره في الكشاف أن الجزع والمنع لتمكنهما في الإنسان صار كأنه مجبول عليهما ، وكأنه أمر خلقي ، كقوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء : ٣٧] بدليل أنه حين كان في البطن والمهد لم يكن به هلع ، ولأنه ذم ، والله تعالى لا يذم على فعله ، ولهذا تعالى استثنى المؤمنين الذين جاهدوا نفوسهم فلم يكونوا جازعين ولا مانعين.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «شر ما أعطى ابن آدم شح هالع ، وجبن خالع».
الوجه الثاني : ذكره في التهذيب أن المعنى خلق مشتهيا ؛ لأن التكليف لا يكون إلا بذلك ، والشهوة تدعوه إلى الهلع.
الثمرة الثانية : تأكيد هذه الخصال التي استثنى الله تعالى صاحبها ، وذكرها على سبيل المدح ، وهي المداومة على الصلاة فلا يخلون بشيء منها ، والمحافظة عليها فلا يشغلهم شاغل عن تأديتها في أوقاتها ، شروطها وسننها ، ولا يفعلون ما يحبطها ، ومن كان في ماله حق معلوم ، والمراد يذكر ذلك الحق قيل : أراد به الزكاة ؛ لأنها معلومة ، أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه ، يؤديها في أوقات معلومة ، ولقد علمت بعض من حسن قصده فوصف على نفسه أن يقسم نصف قوته للصدقة ويأكل النصف مما يكفيه ، وأمثال هذا ، وقد جعل الله للسائل حقا لأجل سؤاله ، وذكره في مواضع من كتابه ، نحو : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) [الضحى : ١٠] وقد جاء في الحديث : «للسائل حق ولو جاء على فرس».
وأما المحروم فهو من تعفف عن السؤال فيحسب غنيا فيحرم ، وقيل : الذي لا حظ له ، وقيل : الذي أصاب ماله جائحة.
وقيل : المحروم الكلب والسنور ونحوهما مما يطوف ، وقد