إما غاية للتكذيب ، أو غاية للاحتمال على إضمار فأهملناهم حتى ذاقوا بأسنا.
قوله تعالى : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ).
ابن عرفة : أقل الجمع هنا إثباتا لآية جاءت تعجيزا لهم ، وتعجيزهم بأن يطلب منهم الإتيان بشاهدين يعجزون عنهما أبلغ مما طلب منهم الإتيان بأكثر من الشاهدين فعجزوا عن ذلك.
قيل له : إنما جمع الشهداء لتعدد أنواع المحرمات فلهم على كل محرم شاهدان ، فقال : قد قال الزمخشري : فإن قلت : لم أضاف الشهداء إليهم ، ولم يقل : شهداءه بالإطلاق؟ فأجاب بأن المراد شهداؤكم المتعصبون لكم الذين هم من جهتكم ، فرده ابن عرفة بأنه لا يلزم من عجزهم عن الشهداء المتعصبين لهم عجزهم عن الشهداء بالإطلاق.
قيل له : يلزم ذلك من باب أحرى ، فقال : إنما عادتهم يجيبون بأن المراد شهدائكم الذين تنفعكم شهادتهم ، بخلاف ما لو قال : هم شهداء بالإطلاق ؛ فإن حرص الإنسان على طلب الشهادة لمن تنفعه شهادته أقوى من حرصه على شهادته لمن لا تنفعه شهادته ، من قوله (الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا) فقال : إما المراد الإتيان بلفظ خبر يفيد ذلك المعنى ، قال : والآية دلت على تعجيزهم بالدليل العقلي وبالدليل السمعي وإمّا بالشهادة أو بالخبر كلاهما كما في قوله : (هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ) راجع للدليل العقلي.
وقوله (هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ) راجع للدليل السمعي على قسمين منه ما يستند للشهادة ، ومنه ما يستند بخبر الواحد ، فلم عجزوا بعلم الإتيان بالشهادة مع أنه أجدر من الإتيان بالخبر ، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم ، والجواب أن هذا في مقام الخصومة بينه وبينهم ، ومقام الخصومة إما طلب فيه الشهادة لا الخبر ، قيل له : وأيضا فمتعلق الخبر عام ، ومتعلق الشهادة خاص فهذه شهادة تقوية ، ومعناها الخبر الاصطلاحي لعموم متعلقها ؛ لأنه تحريم عام في جميعهم ، فقال : وكذلك إذا شهد على شخص أنه قال : كل مملوك أملكه حر فهو عام ، فكذلك هلا قيل لهم : من يشهد لكم على الله على أنه حرم ذلك عليكم.
قال : قلت : لم قال : (فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) ، فهلا قيل : فإن شهدوا فلا تقبل شهادتهم ؛ لأنه نفي الشهادة معهم لا يستلزم نفي قبولها ، والجواب في عدم قبول الشهادة لأحد أمرين :