إما لفسق الشاهد ، وإما لظنه أو تهمة كشهادة الولد لأبيه أو لأخيه.
وقوله (فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ)
وهو حاكم ، والحاكم يقبل شهادة الشك إما لعلمه بعدالته أو بكونه عدله غيره عنده أو يعلم عدالته الحاكم بعلمه في التعديل والتجريح جائز ، ولو قيل : فلا يقبل شهادتهم أمرين :
أحدهما : فسقهم مع احتمال كونهم شهدوا بالحق ، أو عدالتهم مع التهمة لمن يتهم العدل على الشهادة له ، فلم قال : (فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) أفاد عدم قبولها ؛ لأن تعديل الحاكم الشاهد [٣٢ / ١٥٩] شهادة معه بدليل قوله : (مَعَهُمْ) ، ولم يقل : فلا تشهد بالإطلاق.
قوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً).
قال ابن عرفة : المحرم إنما هو الإشراك لا عدم الإشراك ، فكان يقال : أن تشركوا ، قال : وجوابه إما أن يكون مفسدة للمحرم فهي بدل من تلك الحجة ؛ أي أتل عليكم أن لا تشركوا بالله شيئا ، وعبر عنه منفيا ؛ لأن المراد عدم الإشراك فهو مكروه شرعا ، وإما أن تكون ناهية معمولة المحرم ولا زائدة ، قال : ويؤخذ من الآية أن دليل الوحدانية يصح إثباته بالسمع ؛ لأن الآية نهي عن الشرك بالله.
قال : وجوابه أنها خاصة بقريش ، وقريش كانوا يتخذون شركاء ليقربوهم إلى الله ، قيل له : أو يجاب بأن النهي لا يدل على عدم وجود المنهي عنه بل يدل على وجوده ، كنهي العصاة عن شرب الخمر والشركاء غير موجودين في نفس الأمر بوجه ، قال : وإنما قال : (عَلَيْكُمْ) ، ولم يقل : حرم بالإطلاق مع أنه محرم على الجميع ؛ لأن الخطاب وهم الذين كانوا عصوا بذلك وغيرهم لم يعص.
وقوله (شَيْئاً).
مصدر أو نعت لمصدر محذوف ، وهو نهي أخص لا نهي عن أخص فالمصدر دخل على الفعل فأكده ؛ لأن النهي دخل على الفعل المؤكد.
قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً).
قال ابن عرفة : هذا أبلغ من أن لو نهوا عن عصيان الوالدين ؛ لأنه يقبل عدم العقوق وزيادة الأمر بالإحسان إليهم.
قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ).