وكان بعضهم يقول : إنه لف ونشر ، فالصراط المستقيم لقوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) أي هذا حكم العذر في عباده.
قوله تعالى : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ).
راجع لقوله (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ) بأن التذكير راجع للاهتداء ، وتفصيل الآيات يحتمل أن يكون ابتدائيا ، ويحتمل أن يكون مسبوقا بإجمال ، فإن كان التفصيل يستلزم تقدم الإجمال فيكون حجة لمن يقول من المبتدعة : أن العلوم كلها تذكيرية.
وحكى الأصوليون الخلاف في البيان يقتضي تقدم الإجمال أم لا.
قوله تعالى : (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
إن كان تقديم المجرور لحصر الضمير عاما في المؤمنين طائعهم وعاصيهم ؛ أي دار السّلام والنجاة ليست إلا لهم لا لغيرهم ، وإن يكن للحصر فيكون الضمير عائدا على المؤمنين الطائعين فدار السّلام لهم ولا بد أن يكون ذلك لغيرهم وهم العصاة من المؤمنين.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً).
قيل : العامل فيه وليهم.
ابن عرفة : فلا بد من إضمار بما يعطف عليه ، أي : وهو وليهم في الدنيا ويوم نحشرهم.
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً).
وتبعه في دخول النار ، والاثنان راجعان للدنيا
أحدهما : العبادة أيضا بعضهم ولي بعض في الكفر والظلم ، والثاني عكسه لابن زيد أن يسلط بعضهم على بعض ويجعله وليا في القهر منتقما منه.
ابن عرفة : فاسم الإشارة على الأول راجع لقوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ؛) لأنه أمر أخروي ، وعلى الوجه الثاني والثالث يرجع لقوله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ ، وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ ؛) لأنه أمر دنيوي ، والآية تدل على إطلاق البعض على الأكثر ، فإن قلت : قد يكون نفي بعض ثالث مسكوت عنه كما تقدم في قوله تعالى : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) [سورة الصافات : ٢٧] [سورة الطور : ٢٥] قلنا : هنالك يمكن الجواب بهذا ، وأما هنا فهذا تقسيم مستوي.
قوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ).