أي لكل نبأ ثبوت وخبر صدق وقوع إشارة إلى أن جميع ما خوفهم وتوعدهم بوقوعه بهم في المستقبل فإنه يقع لا محالة ، وكل خبر صدق فهو واقع لا محالة ، والمراد لكل نبأ عن المستقبل ، وأما الماضي فمعلوم.
قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا).
ابن عرفة : إنما قال : رأيت يصدق على كل من كان بعيدا منهم بحيث لا يسمع كلامهم لكنهم علموا بالقرائن الحالية أنهم يخوضون في آيات الله تعالى ، واشتملت الآية على مطلبين :
الأول : رؤيتهم ، والثاني : الجلوس معهم في قوله تعالى : (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ) [سورة النساء : ١٤٠] والخطاب خاص بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، وعام فيه وفي كل مؤمن هذا في اللفظ ، وأما في المعنى وهو عام في الجميع.
قوله تعالى : (فِي آياتِنا). الخوض في الآيات إما البحث فيها بالنظر والاستدلال ، وإما الخوض فيها بالأمر الباطن وهو المراد هنا.
قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ).
إن قلت : الإعراض عنهم مرتفع بأحد أمرين :
إما بخوضهم في حديث آخر ، وإما بسكوتهم فلم خصصه بالأول دون الثاني؟ فأجيب بوجهين :
أحدهما : أن الاجتماع مظنة لعدم السكوت فعلل بما هو الأكثر الإيجاب.
الثاني : أن السكوت لا يؤمن منه الرجوع إلى الحديث الأول الذي كانوا فيه بخلاف ما إذا خرجوا إلى حديث آخر ، فإن ذلك قاطع على الرجوع إلى الأول.
قوله تعالى : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ).
قال أبو حيان : قرئ بالتشديد والتخفيف.
قال بعضهم : هما بمعنى واحد فمن جعلها بمعنى واحد راعى المعنى ، ومن خالف بينهما راعى اللفظ والمقدمة ، والنسيان إن استلزم مفسدة بينة فهو من الشيطان وإلا فهو ، وهذا من النفس عليه قول أبي بكر رضي الله عنه : أقول هذا فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فهو مني ومن الشيطان.
قوله تعالى : (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى).