قال ابن عرفة : قلت : علق هنا بالمشيئة ، وقال في البقرة (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [سورة البقرة : ١٨٦] ولم يقل : إن شئت ، قال : وتقدم الجواب بوجهين :
الأول : أن تلك في المؤمنين وهذه في الكفار.
الثاني : إن ذاك السؤال تضرع وتذلل في الدنيا لتعجيل الإجابة المحققة التي لا يرد فيها وهذا ليس كذلك ، فناسب أن يكون معلقا على المشيئة.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ).
هذا تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم.
قوله تعالى : (فَأَخَذْناهُمْ).
ابن عطية : أي فكذبوا فأخذناهم.
ابن عرفة : ويحتمل أن لا حذف فيها ؛ لأن الكل عبيده يفعل فيهم ما شاء ، هذا مذهب أهل السنة ، قال تعالى : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) [سورة آل عمران : ١٨٦] قيل له : قد قال : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [سورة الإسراء : ١٥] فقال : هذا بلاء.
قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ).
أي أخذناهم أخذا متراخيا معه الناظر لحالهم تضرعهم.
قوله تعالى : (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ).
إما راجع إلى نفس التضرع فهو ترك فيكون دليلا على أن الترك فعلا ، لقوله تعالى : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ). ابن عرفة : وقال قبلها : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) ووجهه أنه لما كانت الأولى مبدأ الخطاب بولغ في الخطاب فيها ، والثانية : اكتفى فيها بالخطاب الأول فلم يحتج إلى المبالغة ، والثانية : وقع الفصل بينها وبين الأول وفيه شبه طوله ؛ فأعيدت الكاف فيها للخطاب ، وقدم السمع إشارة إلى أنه أشرف لتعلقه بالغائب والبصير لا يرى إلا الحاضر.
ابن عرفة : وعادتهم يقولون في هذه الآية دليل لمن يقول : إن العرض ينفى زمانين ؛ لأن السمع والبصر صفتان ليس منهما الحدقة بل الصفة المتعلقة بهما عرضان ، فالذي تعلق به الآخر إما موجود أو معدوم ، فالمعدوم لا يتعلق به أحد وإنما