قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ).
قال ابن عرفة : إن قلت : لم أعاد الفعل والأصل في المعطوفات [٣٠ / ١٤٨] المتفقة الألفاظ الاكتفاء بالأول ، فيقال : أرأيتم إن أتاكم عذاب الله أن الساعة ، فأجاب بأنه إذا كان صدور الفعل الأول من فاعله أقوى بالمعنى من صدور الثاني عن فاعله أو العكس فيعاد لفظ الفعل الأول ، وإن لم يكن بينهما تفاوت ولا اختلاف في إحداث الفعل فيكتفى بالأول ، ولا شك أن إتيان عذاب الله مغاير لإتيان الساعة ، قوله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). جوابه محذوف أي فبينوا ذلك أو قدموه على تكذيبكم أو كفركم.
قوله تعالى : (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ).
قال : الساعة إما يوم القيامة أو موت كل إنسان ، قال : وكان يجيء لنا فيها سؤال بياني ، وهو أنه إذا عطفت جملة فعلية على جملة فعلية موافقة لها في اللفظ وفي المعنى فإنه يحذف الفعل الثاني اكتفاء بالأول ، فتقول : قام زيد وعمرو فلم أعيد الفعل هنا في الجملة الثانية ، قال : وتقدم الجواب بوجهين :
أما إذا كان اللفظان متفاوتين في المعنى فيعاد الثاني إشعارا بالتفاوت ، ولا شك أن إتيان العذاب أشد من إتيان الساعة ، وإما إشعار لما بينهما من البعد فإنه إن أريد بالساعة القيامة ، وبعذاب الله المحق والرزايا في الدنيا فيعقبها بعد كثير ومهلة تامة ، وإن أريد بالساعة الموت فالمحن الدنيوية كثير منها متقدم ومنها متأخر إلى الموت فالبعد ظاهر.
قيل لابن عرفة : وكيف يحسن أن يعقب ذلك ، بقوله تعالى : (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) سواء فسرنا الساعة بالقيامة أو الموت إذ لا يكون الدعاء إلا في الدنيا ، قال : قد قالوا (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) [سورة المؤمنون : ١٠٧] (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) [سورة الزخرف : ٧٧] قيل : هذا دعاء لا يفيد ، فقد قال : فيكشف ما تدعون إليه ، قلت : ويمكن الجواب بأن يهلك بعضهم فيتعظ به من يبقى منهم ويدعوا.
قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
جوابه فدوموا على كفركم وإلا فتبينوا إلى ذلك.
قوله تعالى : (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ).