ابن عرفة : ومن حيلتهم ودهائهم بالكتاب تأكيدهم نسبة الفقر إلى الله تعالى وعدم تأكيدهم نسبة الغناء إلى أنفسهم كان ذلك عندهم أمر جعلي وحق بين لأمر به فيه.
قوله تعالى : (وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).
إما أنه على حذف مضاف أي وقتلهم آبائهم الأنبياء بغير واو إما أنه نسب إليهم فعل القتل مجازا لرضاهم بفعل آبائهم ، فيتعارض فيه المجاز والإضمار ، وفيه ثلاثة أقوال ثالثها أنهما سواء.
قوله تعالى : (بِغَيْرِ حَقٍّ).
أي بلا شبهة ولا دليل.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ).
مع أنهم تقدم منهم العصيان بالقول والفعل ، ثم ذكر هنا أنهم عوقبوا بسبب الفعل فقط ، فالجواب : إما بأن المراد بالأيدي الكسب أي مما كسبتم وافترقتم فيتناول القول والفعل ، وإما بأن القول في الوجود أكثر من الفعل ، فإذا عوقبوا بسبب الأخص للأقل دل على العقوبة على ما فرقه من باب أحرا قيل له : بل الفعل أشد من القول فقال : [٢٢/١١٠] لا بل القول أشد بدليل الكفر فإنه قولي ، أي ذلك بسبب حرمكم وعدل إليه.
قوله تعالى : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ).
ابن عرفة : في الآية إشكال وهو أن اليهود ينكرون النسخ كذا نقل عنهم الأصوليون ، وهذا القول إقرار منهم بالنسخ لاقتضائه أن شريعته تنسخ إذا أتاهم رسول بقربان تأكله النار ، وقد أتاهم كثير من الأنبياء وقتلوهم ، قيل لهم : هم أنبياء لا رسل ، أو هم رسل أتوا بشريعة موافقة لشريعتهم لا مخالفة ، فرده ابن عرفة : بأن هذه مقالة منهم مع محمد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، وقد أتاهم بشريعة ناسخة لشريعتهم ، وكذلك عيسى عليهالسلام من قبله.
قوله تعالى : (بِالْبَيِّناتِ).
أي بالمعجزات وبالذي قلتم هي الآية المقترحة التي إن خالفوا بعدها عجلوا بالعقوبة وليس المراد نفس أمر ما قيل لما قالوا ، لأن الذي قالوا لم يقع.
قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ).
قال ابن عطية : نزلت تسلية له صلّى الله عليه وعلى آله وسلم.