ملازمة الموت لهم ، وأنه أمر حتم لا بد له منه ، كما في سورة الجمعة (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) [سورة الجمعة : ٨] أي يأتيكم ويواجهكم ، فإذا فررتم منه ، فإليه تفرون.
قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ).
ابن عطية : قرأ حميدا ابن قيس : ولا يحسبن بياء الغيبة ، ورويت عن أبي عامر ، وذكرها أبو عامر ، وروى هذه القراءة بضم الباء.
ابن عرفة : إنما يحسبن الكلام ممن يقول أن السبع غير متواتر ، واختلفوا في معنى قوله تعالى : (أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، فقيل : أجسادهم في التراب وأرواحهم جنة ، وفضلوا بالرزق في الجنة ، ابن عطية : وهم طبقات وأحوال مختلفة بحجمها أنهم يرزقون أي كما ترى حالات الناس مختلفة ، فواحد خفيف النوم يستيقظ من أول وهلة ، وآخر متوسط فكذلك حياتهم في الآخرة متفاوتة.
قوله تعالى : (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ).
قالوا : هذا مطاوع بشر.
ابن عرفة : المطاوع غالبا إنما هو في الماضي مثل كسرته فانكسر ، وجبرته فانجبر ، والذين لم يلحقوا بهم ، قيل : هم من تأخر عنهم من الشهداء المقاتلين ، وقيل : جميع المؤمنين لم يلحقوا برتبتهم في فضل الشهادة.
ابن عرفة : وهو ظاهر لقوله تعالى : (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، ولو أريد الأول لما استبشروا بهذا بل بما هو أخص منه ، وهو الثواب العظيم وإنما ينفي الخوف والحزن عن من دونهم ممن لم يترقى إلى رتبتهم.
قوله تعالى : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ).
ابن عطية : النعمة الجزاء ، والفضل الزيادة عليها.
ابن عرفة : ويظهر لي أن النعمة هي نفس الثواب مع اعتبار سببه فحاصله أن اعتبرنا الأمر الملائم من حيث ذاته فهو نعمة ، ومن حيث سببه فهو فضل ؛ لأن سببه من الله ، ولذلك قيد النعمة بقوله تعالى : (مِنَ اللهِ) ولم يقيد الفضل ، والآية داله على مذهب أهل السنة [٢٢/١٠٨ و] في قولهم : إن الثواب محض تفضل من الله تعالى ولا يجب عليه شيء.