نعمته ، وعبر عن المؤمنين بالاسم والكافرين بالفعل إشارة إلى أن ذلك الوعد إنما هو لمن ثبت له الإيمان في قلبه وفي ظاهره ، وأما الوعيد فهو لمن اتصف بأدنى شيء من النفاق فجرت الأولى مجرى الأمر ، والثانية مجرى النهي ، وفي الحديث : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا".
قوله تعالى : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ).
قال أبو حيان : لا يصح تعلق المجرورين بأقرب.
ابن عرفة : يقول المعنى (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ) في حالهم إلى الإيمان ، أو أقرب منهم مستقلين أو موجهين إلى الإيمان في موضع الحال.
قوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) نقيضه وهنا إنما عبر عن الأعم فيكون المعنى أنهم يعلمون نفي ذلك.
قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ).
يستحيل عليهم بالكفر.
قوله تعالى : (الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا).
وذكر أبو حيان في إعرابه وجها ابن عرفة : اللام للتعليل وإخوانهم الموتى ، أو للتعدية وإخوانهم الإحياء ، وذكر أبو حيان في إعرابه وجها وزاد ابن عرفة بأن يكون مبتدأ وخبره (قُلْ فَادْرَؤُا) والرابط محذوف ، أي قل لهم.
قال الزمخشري : فإن قلت : فقد كانوا صادقين في دفعهم القتل عن أنفسهم بالقعود ، ثم أجاب بوجهين :
الأول : أن النجاة من القتل يجوز أن يكون سببا للقعود ، وأن يكون غيره ، وقد تكون المقاتلة والوقوف سببا للنجاة ، ورده ابن عرفة : بأن قولهم : (لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا) موجبة جزئية ، إما نقيضها سالبة كلية ، وإما السالبة الجزئية نقيضها بوجه ، قلت : يريد أنه لا يكون ردا له ، إلا لو كان القعود ليس سببا للنجاة مطلقا ، فحينئذ يتم الرد عليهم بذلك مع أنه تارة وتارة ، الجواب المعني أنه قيل لهم : لو أطاعوكم لقتلوا قاعدين ، فإن قلت : لم يدعوا نفي الموت وإنما نفوا القتل ، فلما قيل لهم : (فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ) ، فالجواب : أن الموت أعم فإذا عجزوا بالأعم دخل في صحبة الأخص ، وصيغة أفعل التعجيز وقوله : (فَادْرَؤُا) ولم يقل : لا تموتن إشارة إلى